الخميس، 26 يناير 2012

في محل الحلاقه..

...في ظل الحياة خصوصا الدراسيه منها يجد المرء نفسه محاصر من عدت جهات بأعبائهــا،،فلا هو قادر أن يسلك طريق إلا و الأعمال الكثيره تتراكمـ عليه مُغلقةً بذلك كل نسمة حريه تبعده عن روتين الحياه العاديه الممله...
و خلال الــ24 ساعه،، يذهب 8 منهـــا الى نوم و ساعتين للأكل و تبقى 14 ساعه أغلبهــا نقضيهـــا في الداوم و الجزء المتبقي اليسير يذهب جــله في عدة أشياء أخرى كالصــلاه و التسوق و غيرهـــا...
و بالأمس و على رغم من كثرة الإمتحانات أردت أن أبتعد قـــليلاً عن الصخور و أنواعهــا و حقول النفط و أشكالهــا التي ظلت ملازمه لي منذ أربع سنوات من الأن... فعزمت أن أذهب الى الحــلاق الذي يعمل فيه أبرع باكستاني شاهدته يمسك مقصــاً يوماً...

دخلت المحل و أنتظرت حتى يأتي الدور على شعر إبن نزوى،، قلبت بصري في أرجــاء المحل لعلي أقضي على دقائق الإنتــظار التي تبدو كالساعات...فوقعت بين يدي مجله أجزم أن عدد صور النســاء فيهــا أكثر من العدد الحروف بين صفحاتهــا...
قبل أن أفتح المجله لمـ أدري بأني مُقبل على تجربه فريده أستقصى فيها أحوال الناس من مختلف بقاع العالم و خاصة المسلمين منهم...ومن الكثير الغير المفيد على أوراق المجله كان هناك تقرير يتحدث عن الحجــاب،، و ما ظنك بمجله كلهــا سفور تتحدث عن العـــفه؟
كان لابد للمجلة أن تُغلف تحقيقهــا حول الحجاب بأقوال من فلان و فلان لتغوى أكبر قدر من النســاء...ومن جملة ما قاله أحد هؤلاء و هو مستشار الأمير تشارلز للشؤون إسلاميه "إذا كان الحجاب سيجلب الأذى فيجب ألا يلبس بل يحرم إرتدؤه"!!! و علل رأيه هذا بأن مسلمات أمريكيــا تعرضن للكثير من الأذى بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر...

قلت يا سبحان الله،،إذا لم يحجب الحجاب الأذى عن المسلمـــات فما الذي سيفعل؟! ما بال الحياء و الغيرة ماتت من قلوب الناس؟ المشكله بين أمريكيــا و المسلمين ليست مشكلة حجاب و إنما المشكله أن هؤلاء الأمريكان حرقوا مصحفنا و عذبوا إخوانـــا في معتقلتهمـ...فكانت حرب بيننا و بينهم لن تتوقف بإذن الله حتى يزول أحد أطرفها و العز للمسلمين و الله أكبر...

تركت المجله و أحزنني حال إعلامنـــا البارع في كل شي إلا في إثراء عقل الإنسان...حينها رَثيت مجلة " الرسالة " بكواكبهــا المنيره كالعقــاد و سيد قطب و أحمد أمين و الرفاعي و باقي الأسمــاء التي كتبت أقلامهــا على صفحات المجله التي حُكم عليهــا بالفناء لأنها مفيده فقط!!...


فلان...فلان...(أحدهم ينادي)،،

هذا إسمي...من يا تُرى؟

يا إلهي لقد أنساني إعلامنا المريض أمر الحلاقــــه

بعد إنتظـــار طويل أتى أخيرا دوري للحلاقـــه..و حينمـــا كان صديقي الباكستاني يجهز الأدوات و المعدات كنت أنا على كرسي الحلاقــه أحــاول أن أقراء بيئس عنوانين كتب مُقابله لــي..كانت العنوانيين مكتوبه باللغــه الباكستيه و التي تراكيب حروفهــا تشبه كثيرا تركيب حروف اللغه العربيه،، كتاب التوحيد لمحمد مقبال و كتاب عن السنه هي الكتب التي أستعطت أنــ أعرف مضمونهـــا..

قلت في نفســي : أنــا وهذا الرجل تجمعنـــا لا إلــه إلا الله،، نفس الجملـــه التي جمعت بين صهيب الرومي (من أوروبـــا) و بلال الحبشي (من أفريقيــا) فكانت أخوه إيمــانيه حطمت الفوارق الإجتمــاعيه بينهمــا و سحقت أوصال القوميه الضيقـــه...سحقــا للإستعمــار شتت قلوب المسلمين و أغرق في قلوبهــم قوميه تافهه ضيقت الأرض عليهم...

ما بال بعض أهل الخليج ينظر نظره دونيـــه للمسلمات العاملات في المنازل؟و لماذا يحتاج المسلم إلى كفيــل ليدخل الى بلاد المسلمين؟ أليست كلهــا بلاد الإســلام؟ ربمــا صعوبة الإجابه على هذه الإسئــلة جعلتني لا أشعر بحرارة الأخوه بيني و بين صديقي الباكستاني...

كنت كل ما أفكر فيه و المقص يعبث في شعر إبن نزوى هو كيف يمكنني أن أبداء حوار أخوي بينــي و بين صديقي الباكستاني...كان طوال الحــلاقه و هو يدند بتمتــات لم أعرف معناها و لم أسمعهــا جيداً،، لكن يبدو أنه كان يعيش بخياله في عالم مختلف تماما،، تذكرت حينهــا ما تفضل به الأستاذ أحمد زيدان مراسل قناة الجزيره في أحد كتبه حين تحدث عن عشق الأفغان و الباكستان للقصائد و الأناشيد التي تذكرهم بالحرب الأفغانيه مع الإتحاد السوفيتي...


كيف أبداء الحوار؟....


ربمــا أن تعرف أن لشعوب أسيا الوسطـى هذا الأدب المناضل يجعلك ترغب أكثر في تقرب منهم..لمـ يتوقف عن الإنشاد و الحلاقــه إلا مع نبـــأ عاجل على نشرة الأخبار الباكستانيه المحليه،،تحولت حينها كل حواسه الى شاشة التلفاز وهو يتابع بتفكر عميق ما يحدث في باكستان..يومها لم أفهم مضمون الخبر لكن علمت أن الفرصة قد حانت للحديث


..ظهرت على النشره صوره لأحد المطلوبين(وما أكثرهم) للحكومه الباكستانيه أو بالأحرى للحكومه الأمريكيــه،، جهلي بهويـــة المطلوب جعلني أسأل أخي الباكستاني عنه..لم تكن إجابته مباشره لكنهـــا كانت كفيله لأعرف و لو نسبيــاً رأي الرجل الباكستاني العــام عن حرب الولايات المتحده على الإرهاب،،قال:البسطــاء في باكستان لا يريدون سواء الخبز لا يريدون لا تلفــاز و لا إنترنت الولايـــات المتحده الأمريكيــه..
..في الحقيقــه كل من ظهر في تقرير الخبر هم أناس بسطــاء يبحثون عن لقمة العيش فقط،،فملامح الفقر واضحه على محياهم لكن مدنية الولايـــات المتحده التي وصفها الشاعر الباكستاني محمد إقبال بـ"الحمقاء" لن يهدأ لهـا بال حتى تنهش من لحم الجميع...لتدرك حجم الغبــاء الذي تريد أن تغرســه الولايات المتحده في شعوب يكفي أن تعرف عن الإحتفالات الضخمه و المراسيم الغريبه التي إقيمت في أفغانستان إحتفالاً بأول مغني أفغاني...


لم يتوقف حديثـــه عن الولايات المتحده و طمعها في باكستان و أفغانستان وعن الخساره التي كتسبتهــا هذه الدول من تحالفهــا سواءً طوعاً أو قصراً مع إدارة بوش و بعده أوبـــاما...أوباما حسين كان أخي الباكستاني كثير السخريه من هذا الأسم إذ يقول بعقلية الرجل الشرقي " إذا كان أوباما لا يحترمنـــا فعلى الأقل يحترم الدين الذي نمتى إليه نحن و جده معاً" كان يتحدث بعادات و التقاليد الشرق التي لن يفهمها أوباما أبداً فالأرحام من الأشياء التي لا يعرفهــا أغلب الغرب المسكين..تبدو حالة أخي الباكستاني هنــا مشابهه لذلك العربي الذي زار عائله أمريكيه فراى بدهشه كيف أن كلب المنزل له غرفه خاصه في البيت و أم رجل المنزل في دار العجره....ترحموا على الغرب البائس!!!


هكذا هي حقيقــة الحياه في القرن 21... صواريخ تصــل الى الفضاء لأول مره في تاريخ البشريــه و أخلاق تصل الى الحضيض لأول مره في تاريخهـــا...ألف دواء و وصفـــه تفتك بأعتى الأمراض إلا أمراض القلب...سرعة إتصالات لم تشهد الحياه مثلهـــا و صلة أرحام مقطــوعــــه من منبتهـــا... إليكم هذا الفيديو من الصين،، أقوى إقتصــاد في العالم و تنكولوجيا بلا حدود و إنسان ينتحــر على الطريق السريع في الصين و تستمر السيارات في المسير دون الإلتفـــات الى المنتحر...

... هذه هــي قيمة الإنسان!! ...


... إنتهت الحلاقـــه و شكرت أخي الباكستـــاني و أعطيته ما له و حمدت الله رب العالمين
إنتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق